بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا لانرى خيراً ؟!
بمباشرة شديدة ، لماذا لانرى خيراً في حياتنا ، أبصارنا وبصائرنا مصوبة باتجاه واحد فقط ، ألا وهو النقص ، والخطأ ، والعيب ، والمثالب ، وقائمة طويلة من العيوب في دواخلنا ، وفي واقعنا ، حتى فعل الخير ، أضحى في تلك القائمة ، الحب أيضاً ، النظام السياسي ، والتنظيم القضائي والقانوني ، الاستقامة الفردية ، وغيرها وغيرها ، لم نترك شيئاً إلا وجلعناه في تلك القائمة .
تحضر درس ديني ، أو موعظة دعوية ، أو محاضرة فقهية ، أو خطبة صلاة الجمعة ، ولاتخرج إلا بجلد للذات ، وترهيب من مصيرنا المحتوم ، أُستبدل الأمل في الله سبحانه وتعالى بالترهيب منه جل في علاه وكأنه لايغفر ولايرحم ولايستر في الدنيا والآخرة ، خطاب ديني يجتر ماكتب منذ مئات السنين ، شعوب تسيست وانتكست وتريد أن تقوم بينما الخطاب الديني منفر من الدنيا والآخرة .
تتابع خطب الحكام وما أكثرها ، وعود بالرفاهية والحياة الرغيدة واستتباب الأمان والمشاركة السياسية والاقتصادية ، بينما هي في الحقيقة تعني مزيداً من التفنن في الإذلال والتركيع ، ويكفي تلك النماذج للحاكم العربي المسلم الذي تم تفويضه من البشر لأن يكون رسولاً لكل ماهو صالح للوطن والمواطنين ، لتعلموا أن الإسلام في وادٍ والحكام بعدتهم وعتادهم في وادٍ آخر ، حتى الشعوب كلمة توديها وكلمة تجيبها !
تتابع الإعلام ، وتجده يدور حول أمرين الجنس والمال ، فالبرامج الدينية مثلاً تزداد شعبيتها متى كان الحديث يتركز مابين السرة والركبة ، وبرامج المسابقات تزداد إيراداتها متى كانت اللقطة مركزة على مابين السرة والركبة ، ومع ذلك يريدون أن نكون في كامل قوانا العقلية ، والبرامج السياسية والاقتصادية أيضاً تلف تلف وتلف وإذا بها تناقش مابين السرة والركبة !
لا أعلم هل أعزوا نظرتنا التشاؤمية هذه لما سبق ، أم أن هناك أسباباً أخرى ؟!
قد يرى البعض أنها المؤامرة ، نعم إنها المؤامرة على ديننا وأخلاقنا واقتصادنا وسياستنا وبناتنا وعجائزنا وكهولنا ممن يتقدم صفوفنا سابقاً ولاحقاً ، وقد يرى البعض أنها إسرائيل ، ياه كم تكسب إسرائيل من حسنات ! ، أو أمريكا رأس الشيطان الأكبر ، التي تفعل بنا ولنا ومعنا مانريد وما لانريد ، لا لا إنها إيران حيث ولاية الفقيه والمهدي المنتظر الذي سيقودهم لسحق السنة ، ولا أعلم لماذا تأخر عن نجده المؤمنين به حتى الآن ؟!
وقد يرى البعض أنه قدر هذه الأمة ، طيب وهل من القدر أن تفر الأمة من عذاب إلى عذاب ؟! ، أي تفر من حكام أهانوها سنين طويلة إلى حكام سيهينونها أزمنة مديدة ! ، ربما بما أن المسجون استمرأ السجن ولايريد الخروج منه مع أن باب السجن مفتوح والسجّان لم يعد يكترث المهم لقمة العيش !
كل ما أرجوه قارئي الكريم ألا تغلق الباب ، اتركه مؤارباً ، يمكن نجد مخرجاً من هذه النظرة التشاؤمية ، أو لعل الأجيال التي ستعقبنا تنفذ منه ، لنعود بشر على الأقل وليس ملائكة كما يريد خطابنا الديني أو شياطين كما يريد خطابنا السياسي والاقتصادي والإعلامي .
4/5/1433هـ